للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إطلاق خاص]

ثم أصبحت كلمة "أهل الحديث" تطلق بمعنى أخص على فئة معينة, ممن يُعنَون بدراسة الحديث النبوي رواية ودراية، أو رواية فحسب، أو ممن ينتسبون إلى هذا الأمر ويجتمعون عليه نظرا، ولو لم يكن لهم نصيب يذكر من العلم بالحديث النبوي الشريف.

وينبغي التنبيه إلى تغير المصطلحات بمرور الأزمنة، واختلاف مدلولاتها بين عصر وآخر عند كثير من الناس.

وإذا كان الأئمة -يرحمهم الله- يطلقون على أهل الحديث -في الماضي- أنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، فإن اصطلاح أهل الحديث قد ضاقت دائرته عند الكثيرين حتى صار عَلَما على فئات من أهل الحديث، ولكنها ليست أهل الحديث كلهم.

ولذلك لا يحسن إطلاق "الفرقة الناجية" على فئات محددة تتسمَّى بأهل الحديث، وإذا كانت هي -فعلا- من أهل الحديث، يل ينبغي إعادة هذا الاصطلاح إلى مفهومه الواسع الصحيح١.

وإذا لاحظنا فيما سبق أن مفهوم "أهل السنة والجماعة" يلتقي مع مفهوم "السلف"، فإن مفهوم "أهل الحديث" أو "أهل الأثر" بالمعنى الواسع لا يخرج عنهما كذلك؛ ولذلك لم يكن مذهب السلف وأهل السنة مذهبا جديدا مبتدعا، بل هو المنهج الذي كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام والتابعون لهم بإحسان، وكذلك سائر الأئمة، وإنما تميزوا -فيما بعد- بهذا اللقب أو التسمية في مقابل أهل البدع والأهواء والفرق المخالفة، ومن هنا جاء الحديث عن عقيدة أهل السنة والجماعة.

فإذا لم يكن ما يدعو للمقابلة والتميز لعدم وجود ما يناهضها، يعود الحديث عندئذ عن العقيدة الإسلامية، هكذا بعامة, والله الموفق.


١ "صفة الغرباء" ص١١٨.

<<  <   >  >>