وهذه العبادة التي أمر الله تعالى بها، ووصف بها صفوة خلقه، فأضافهم إلى نفسه تكريما وتشريفا فهم "عباد الرحمن" يخضعون له خضوعا مطلقا، ويتذللون بين يديه؛ حبا له، ورجاء لما عنده من الثواب، وخوفا من العقاب.
هذه العبادة تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له، فمن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابدا له، ولو أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له؛ كما يحب الرجل ولده وصديقه. ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم من كل شيء, بل لا يستحق المحبة والخضوع التام إلا الله سبحانه وتعالى١.
ومن هنا كانت العبادة تقوم على أركان ثلاثة؛ هي: المحبة, والرجاء، والخوف.
١- أما المحبة لله تعالى:
فهي أصل دين الإسلام، وهي التي تحدد صلة العبد بربه تبارك وتعالى، "وهي نعمة لا يدركها إلا من ذاقها. وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمرا هائلا عظيما وفضلا غامرا جزيلا، فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها ولا شبيه ... هو إنعام هائل عظيم وفضل غامر جزيل.