ومع هذا التكامل وذاك الشمول، نجد خاصية أخرى بارزة في العقيدة الإسلامية، تتصل بواحدة من أهم السمات العامة للإسلام وهي الوسطية والاعتدال، تلكم هي خاصية التوازن بين الأمور المتقابلة، فيقع كل أمر أو جانب على قدر معين باعتدال موزون, بحكمة ربانية "تضبط فيها النسب بين جوانب الحياة وقيمها؛ فالمال واللذة، والعمل والعقل، والمعرفة والقوة، والعبادة والقرابة، والقومية والإنسانية؛ قيم من قيم الحياة، والإسلام جعل لكل منها موضعا في نظام الحياة ونسبة محدودة لا تتجاوزها حتى لا تطغى قيمة على قيمة"١.
وبهذه الخاصية يتميز الإسلام عن سائر الأديان والمذاهب أجمعها، حيث تضخِّم جانبا وتُعنَى به على حساب الجوانب الأخرى، وإما أن يكون ذلك ابتداء، وإما أن يكون ردة فعل أو معالجة لخطأ سابق.
١ "الفكر الإسلامي الحديث" للأستاذ محمد المبارك ص٦٥.