ولعله من نافلة القول، أن يأتي التأكيد -مرة أخرى- على أن هذه التقسيمات السالفة للدين إلى عقيدة وشريعة ... إنما هي تقسيمات فنية اصطلاحية من أجل الدراسة والمعرفة، اقتضتها ضرورة التأليف والتصنيف بعد نشأة العلوم واستقلالها بالتدوين.
وهذه الضرورة تنبه لها المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ سيد قطب -رحمه الله- وبيّن آثارها بعد ذلك، عند حديثه عن خاصية "الشمول" في التصور الإسلامي وأثرها في التوحيد بين الاعتقاد والتنظيم في الحياة، فقال:
"إن تقسيم النشاط الإنساني إلى "عبادات" و"معاملات" مسألة جاءت متأخرة عند التأليف في مادة "الفقه". ومع أنه كان المقصود به -في أول الأمر- مجرد التقسيم "الفني"، الذي هو طابع التأليف العلمي، إلا أنه -مع الأسف- أنشأ فيما بعد آثارا سيئة في التصور، تبعته -بعد فترة- آثار سيئة في الحياة الإسلامية كلها، إذ جعل يترسب في تصورات الناس أن صفة "العبادة" إنما هي خاصة بالنوع
١ عن "دراسات في الفكر الإسلامي"، لأستاذنا الدكتور عدنان محمد زرزور حفظه الله، ص٥٣، ٥٤.