للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المعنى الاصطلاحي للتوحيد]

وبعد هذا التعريف اللغوي للتوحيد، نشير إلى المعنى الاصطلاحي الشرعي، فإن التوحيد هو أساس دعوة الإسلام, وهو دين جميع الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام -على ما سيأتي معنا- وهو إفراد الله تعالى بالربوبية والطاعة أو العبادة، ويشمل ذلك أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، توحيد الألوهية، توحيد الأسماء والصفات, وهي متلازمة مترابطة متكاملة، لا يصح إيمان المرء ولا توحيده ما لم يأت بها كاملة، فالله تعالى وحده المتفرد بالخلق والإحياء والرزق والإماتة والتدبير، وله صفات الكمال والعظمة والجلال، فهو المتفرد كذلك بالأمر والنهي والطاعة.

وتطلق كلمة "التوحيد" أيضا: على العلم الذي يدرس الجانب العقائدي من الدين، وعندئذ يعرفونه بأنه:

علم يبحث فيه عن وجود الله، وما يجب أن يثبت له من صفاته، وما يجوز أن يوصف به وما يجب أن يوصف به، وما يجب أن ينفى عنه، ويبحث عن الرسل؛ لإثبات رسالتهم وما يجب أن يكونوا عليه، وما يجوز أن ينسب إليهم، وما يمتنع أن يلحق بهم١.

وأصل معنى التوحيد: اعتقاد أن الله واحد لا شريك له, وسمي هذا العلم به تسمية له بأهم أجزائه -فهو من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل- وهو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في خلقه الأكوان، وأنه وحده مرجع كل كون ومنتهى كل قصد.

وهذا المطلب كان الغاية العظمى من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما تشهد به آيات الكتاب العزيز٢.


١ "رسالة التوحيد" للشيخ محمد عبده، ص٨, وانظر: "لوامع الأنوار البهية": ١/ ٥٧.
٢ المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>