وذلك أن الوحي نوعان: أحدهما: وحي متلوّ، وهو القرآن المنزل على محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلفظه ومعناه، وهو المتعبَّد بتلاوته.
والثاني: وحي غير متلوّ، وهو المرويّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المبيِّن عن الله عز وجل١.
فقد قلَّد الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- أمانة التبليغ والبيان, فقال:
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤] .
{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: ٦٤] .
ومما يدل على أن السنة بمثابة القرآن في هذا: أن الله تعالى امتنّ على المؤمنين ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليعلم الناس الكتاب والحكمة فقال:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤] .
وقال تعالى, مخاطبا أمهات المؤمنين:
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤] .
فقال غير واحد من السلف: الحكمة هي السنة؛ لأن الذي كان يتلى في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهن، سوى القرآن هو سنته؛ ولذلك قال: "ألا إني
١ انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم: ١/ ٨٧-٩٣، "حجية السنة" ص٣٣٤-٣٤١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute