للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن؛ لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات، وما ذلك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة، والمناهج الخفية ... ".

ثم يعلن عُزُوفه عن علم الكلام الذي كتب فيه ما كتب, فيقول:

"وأقول: ديني متابعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكتابي القرآن العظيم، وتعويلي في طلب الدين عليهما"١.

وقال في كتابه "أقسام اللذات":

نهاية إقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووَبَال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه: قيل وقالوا

فكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعا مسرعين وزالوا

وكم من جبال قد علت شرفاتها ... رجال، فزالوا والجبال جبال

لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتُها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن. اقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] ، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠] ، واقرأ في النفي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] ، {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠] .

ثم قال: "ومن جرّب مثل تجربتي, عرف مثل معرفتي"٢.


١ "طبقات الشافعية الكبرى": ٨/ ٩٠-٩١، وانظر: "سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٥٠١.
٢ "شرح العقيدة الطحاوية" ص٢٠٨-٢٠٩، والأبيات في "طبقات الشافعية": ٨/ ٩٦، و"وفيات الأعيان": ٤/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>