للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آثار هذا المنهج, وفوائده:

وهذا المنهج في تلقّي العقيدة واستلهامها من القرآن والسنة، علاوة على أنه مقتضى الإيمان بالله، وبكتابه المنزل وبنبيه المرسل -الذي يبلِّغ عن ربه تبارك وتعالى- إننا نجني منه فوائد كثيرة، أهمها اثنتان:

١- أن هذا المنهج هو الذي يعصم عن الوقوع في الخطأ والانحراف والزلل، وعن الاضطراب في فهم العقيدة، ويحفظ على الإنسان جهده، ويمنع عقله من التبدد والضياع، ونفسه من الهوى؛ لأنه يعود بالأمر كله إلى العليم الحكيم -سبحانه وتعالى- الذي تكفل بالهداية لهذا الإنسان.

يقول الأستاذ سيد قطب -رحمه الله- وهو يتحدث عن خصيصة "الربانية" في التصور الإسلامي:

" ... وهذا التوكيد على مصدر هذا التصور، هو الذي يعطيه قيمته الأساسية، وقيمته الكبرى ... فهو مناط الثقة في أنه التصور المبرأ من النقص، المبرأ من الجهل، المبرأ من الهوى.. هذه الخصائص المصاحبة لكل عمل بشري، والتي نراها مجسمة في جميع التصورات التي صاغها البشر ابتداء من وثنيات وفلسفات, أو التي تدخّل فيها البشر من العقائد السماوية السابقة!

وهو كذلك مناط الضمان في أنه التصور الموافق للفطرة الإنسانية، الملبِّي لكل جوانبها، المحقق لكل حاجاتها. ومن ثم فهو التصور الذي يمكن أن ينبثق منه, ويقوم عليه أقوم منهج للحياة وأشمله"١.

٢- وهو المنهج الذي يجمع الأمة كلها، ويوحدها على كلمة واحدة وتصور واحد، ويعصمها من التفرق والشتات، بما ينشئ فيها من تصورات ثابتة، وبما يضع لها من موازين وقيم لا تتأثر بزمان معين ومكان محدد، وإنما هي الموازين والقيم الثابتة التي تتلقاها من الوحي, وتتكيف بها وتصبغ حياتها بمقتضاها، فلا تتوزّعها الأهواء ولا الأفكار البشرية الضالة، التي تتقلب فيها، فلا تستقر على


١ "خصائص التصور الإسلامي"، ص٥٣، ٥٤.

<<  <   >  >>