للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهم ينسبون الخلق والإحياء والإماتة، وتدبير الأمر كله: من رزق وإنزال للمطر وغيره، ينسبونه كله لله سبحانه، ومع ذلك حكم الله تعالى عليهم بالكفر ودمغهم بالشرك، فقال سبحانه وتعالى:

{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦] .

أما إيمانهم بالله، الذي أثبته الله لهم في هذه الآية، فهو قولهم: إن الله خلقنا ويرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان، مع إشراكهم في عبادتهم غيره. فهم يعرفون الله، ويعرفون ربوبيته وملكه وقهره، وكانوا مع ذلك يعبدونه ويخلصون له أنواعا من العبادات، كالحج والصدقة، والذبح والنذر، والدعاء وقت الاضطرار، ونحو ذلك ... ويدّعون أنهم على ملة إبراهيم عليه السلام، فأنزل الله تعالى:

{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: ٦٧] .

وبعضهم كان يؤمن بالقدر، وبعضهم يؤمن بالبعث والحساب، كما قال زهير بن أبي سلمى:

يؤخَّر فيُوضع في كتاب فيُدَّخر ... ليوم الحساب أو يُعجَّل فيُنقَم

وقال عنترة:

يا عَبْلُ أين من المنية مهرب ... إن كان ربي في السماء قضاها؟

ومثل هذا يوجد في أشعارهم، فوجب على كل عاقل عقل عن الله تعالى، وفهم آياته، أن ينظر ويبحث عن السبب الذي أوجب سفك دمائهم وسبي نسائهم وإباحة أموالهم، مع هذا الإقرار والمعرفة! وما ذاك إلا لإشراكهم في توحيد العبادة

<<  <   >  >>