للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"القلب في سيره إلى الله -عز وجل- بمنزلة الطائر؛ فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه. فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر.

ولكن السلف استحبّوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف ...

وقال بعض السلف: أكمل الأحوال: اعتدال الرجاء والخوف، وغَلَبَة الحب، فالمحبة هي المركب، والرجاء حادٍ، والخوف سائق، والله الموصل بمنِّه وكرمه"١.

وهذا المعنى هو ما أشار إليه الحديث الشريف: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة؛ فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المسلم بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار" ٢.


١ "مدارج السالكين": ١/ ٥١٧ بتصرف يسير، واقرأ فيه بالتفصيل من ص٥١١-٥١٧"، "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي ص٣٢٥، ٣٢٦، "تيسير العزيز الحميد" ص٤٨٣-٤٩٥، "إيثار الحق على الخلق" لابن الوزير ص٣٥٤-٣٦٥, "الإبانة الكبرى" لابن بطة: ٢/ ٧٥٦-٧٥٩، "فتح الباري" لابن حجر: ١١/ ٣٠٠-٣٠٢. وانظر ما كتبه السبكي في "الفتاوى": ٢/ ٥٥٥-٥٦٠.
٢ أخرجه البخاري في الرقاق، باب الرجاء مع الخوف: ١١/ ٣٠١.

<<  <   >  >>