للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"قد أفردوه جل جلاله، لو تركوا قولهم: إلا شريكا هو لك" ١. فنفس شركهم بالله تعالى إقرار به. قال تعالى:

{أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: ٢٢] .

{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} [القصص: ٦٤] .

{قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: ١٩٥] .

فنفس اتخاذ الشركاء إقرار بالله تعالى، ولم يعبدوا الأنداد بالخضوع لهم والتقرب بالنذور لهم إلا لاعتقادهم أنها تقربهم إلى الله زلفى, وتشفع لهم.

فأرسل الله الرسل تأمر بترك عبادة كل ما سواه، وتبين أن هذا الاعتقاد الذي يعتقدونه في الأنداد باطل، وأن التقرب إليهم باطل, وأن ذلك لا يكون إلا لله وحده. وهذا هو توحيد العبادة؛ وقد كانوا مقرّين بتوحيد الربوبية، وهو أن الله هو الخالق وحده والرازق وحده.

ومن هنا نعرف أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل -عليهم الصلاة والسلام- هو توحيد العبادة؛ ولذا تقول لهم الرسل: {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} , {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ...

وأمر الله عباده أن يقولوا: "إياك نعبد", ولا يصدق قائل هذا إلا إذا أفرد العبادة لله تعالى، وإلا كان كاذبا، منهيا عن أن يقول هذه الكلمة؛ إذ معناها: نخصك بالعبادة ونفردك بها دون كل أحد، وهو معنى قوله: {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}


١ انظر: صحيح مسلم: ٢/ ٨٤٣.

<<  <   >  >>