للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من خالفه عليه لغرض من الأغراض.

وأما جحد ذلك جهلا، أو تأويلا يعذر فيه صاحبه, فلا يكفر صاحبه به، كحديث الذي جحد قدرة الله عليه وأمر أهله أن يحرِّقوه ويَذَروه في الريح، ومع هذا فقد غفر الله له، ورحمه لجهله، إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه، ولم يجحد قدرة الله على إعادته عنادا أو تكذيبا"١.

٣- كفر العناد، وهو أن يعرف الله بقلبه ويعترف ويقر بلسانه، ويأبى أن يقبل الإيمان أو يدين به، فهو كفر إباء واستكبار، مثل كفر إبليس، فإنه لم يجحد أمر الله، ولا قابله بالإنكار، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار.

ومن هذا: كفر من عرف صدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقَدْ إليه، إباء واستكبارا، وهو الغالب على كفر أعداء الرسل -عليهم الصلاة والسلام- كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه, إذ قالوا:

{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: ٤٧] .

وهو كفر أبي طالب أيضا، فإنه صدّقه ولم يشك في صدقه، ولكن أخذته الحميّة وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم ويشهد عليهم بالكفر، وقال:

ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا

لولا الملامة أو حذارُ مسبَّة ... لوجدتني سَمْحا بذاك مبينا

ومن الأمثلة الظاهرة على الكفر بالامتناع والعناد في عصرنا الحاضر: الامتناع عن الحكم بالشريعة الإسلامية، وتطبيق القوانين الوضعية بدلا منها.


١ "مدارج السالكين": ١/ ٣٣٨، ٣٣٩.

<<  <   >  >>