للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من جهة الإطلاق الشرعي، فوجب اندراج كل كافر تحت اسم المشرك١.

وقد تقدم في الاستعمال اللغوي -كذلك- أن كل كافر هو في الحقيقة مشرك، واليهود والنصارى يندرجون تحت اسم "المشركين"؛ لأنهم أشركوا فقالوا: عيسى ابن الله. ولذلك روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كره نكاح اليهودية والنصرانية، وقال: أي شرك أعظم ممن يقول: عيسى هو الله أو ولد الله؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا٢.

وباستقراء استعمالات الكلمات الثلاث: "الكفر والشرك والنفاق" في القرآن الكريم اسما أو وصفا، نجد أن كل لفظ منها قد يرد مفردا مستقلا في السياق، وقد يرد مقترنا بالآخر. وهنا نجد أن هذه الألفاظ إذا اجتمعت في سياق واحد دل كل منها على معنى غير ما يدل عليه الآخر، وإذا انفردت دخل في كل لفظ معنى اللفظ الآخر.

فلفظ الكفر: إذا ذكر مفردا في وعيد الآخرة دخل فيه المنافقون، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: ٥] .

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: ٦٨] .

{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا} [النساء: ١٣٦] .


١ انظر: "تفسير الفخر الرازي": ٦/ ٦١-٦٣، "كشاف اصطلاحات الفنون": ٤/ ١٤٧، ١٤٨.
٢ انظر: "أحكام القرآن"، لابن العربي: ١/ ١٥٧، "الكليات" للكفوي: ٣/ ٧٠، ٧١.

<<  <   >  >>