ولو حصروا نشاطهم على تنصير الوثنيين لما أثار ذلك ضيق المسلمين الشديد وكراهيتهم للأسلوب ولموضوع التنصير نفسه. ٤- والمسلمون أقليات في بعض الأقطار المسيحية مثل الفلبين، وهذه الأقليات المسلمة ينكل بها باسم المسيحية؛ تؤخذ أرضها وييتم أطفالها وتترمل نساؤها، ولا تجد إلا ارتياحا في نفوس الأغلبية المسيحية، ونحب أن ينتهي التنكيل بالمسلمين في الأقطار التي بها الأغلبية المسيحية؛ نحن نحب أن ينتهي ذلك إنسانيا، ونحب أن ينتهي ذلك دينيا. ٥- وفي المؤتمرات التي تعقد في أسبانيا وغيرها هناك أسلوبان للحديث: أ- التزام العقل، وهنا لا يتحلل المسلمون من مبادئ دينهم، فيتناولون المسيح عليه السلام وأمه بالأسلوب العقلي، فيكون موقفهم منهما موقف اليهود: يقولون على مريم وعلى ابنها ما يضيق به المسيحيون ضيقا شديدا. ويقولون على المسيحية نفسها ما يضيق به المسيحيون ضيقا شديدا. ولكن المسلمين في هذه المؤتمرات يتبعون مبادئ دينهم فيحترمون المسيح عليه السلام وأمه، أما المسيحيون فإن البعض منهم لا يبالي، فيتحدث عن رسول الإسلام بما يضيق به المسلمون، فلا تكون هذه المؤتمرات وسائل تفاهم، وإنما تكون وسائل تنافر، وذلك كما حدث في المؤتمرين السابقين من بعض المسيحيين. ب- التزام ما تمليه روح التفاهم، فلا يساء إلى المسلمين في مقدساتهم. ٦- وأحب أن أقول: إن الإسلام هو العامل الأكبر في تثبيت المسيحية حين اعترف برسالة عيسى عليه السلام، احترام أمه عليها السلام.. فماذا قدم المسيحيون؟ لا شيء!! بل على العكس من ذلك لقد هاجموا وما زالوا يهاجمون رسول الإسلام ومبادئ الإسلام فهل يمكن مع ذلك التفاهم؟ ٧- وأحب أن أقول: إن الإسلام اعترف بوجود المسيح عليه السلام وبرأ أمه، ومع ذلك فقد قوبل بجحود لا مثيل له، وما زال يقابل بهذا الجحود من المسيحيين على أكبر خدمة أديت للمسيح عليه السلام. وبعد؛ فإني أحب صادقا أن نتعاون في صد كل انحراف وأحب أن أقول: إنه لولا تقديري لكم لما كتبت لكم هذا وإنني يسرني أن أقرأ لكم. سأتحدث إليكم عن رأيي في موضوع المؤتمر في المستقبل إن شاء الله. ولكم تحيتي وتقديري "د. عبد الحليم محمود" شيخ الأزهر نشر في مجلة الأزهر. الجزء الثالث. السنة الخمسين رجب ١٣٩٨هـ الموافق يونيو ١٩٧٨م.