وأما زيد بن عمرو: فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية، وفارق دين قومه فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان، ونهى عن قتل الموءودة، وقال: أعبد رب إبراهيم ونادى قومه يعيب ما هم عليه.
ثم خرج إلى الشام يسأل عن الدين، ويتبعه فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم وقال: إني لأحب أن أدين بدينكم فأخبروني فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفرُّ إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وإني أستطيعه فهل تدلنى على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا. قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله، فخرج زيد فلقى عالما من النصارى فذكر له مثله، فقال: لن تكون على دين حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضب الله شيئا أبدا وإني أستطيع فهل تدلنى على غيره؟ قال: ما أعلمه أن يكون حنيفا. قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله.
فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم خرج فلما برز مع ولديه قال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم.
وفي حديث البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قال: رأيت زيد بن عمر بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش والله ما منكم على إبراهيم غيري، وكان يحيى الموءودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها أكفك مؤنتها، فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤونتها.