للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وردت لفظة "حنيفًا" في عشر مواضع من القرآن الكريم١، ووردت لفظة "حنفاء" في موضعين منه٢، وبعض الآيات التى وردت فيها: آيات مكية، وبعضها مدنية. وقد نص في بعض منها: على "إبراهيم" وهو على الحنيفية؛ لم ينص في مواضع منها على "اسمه".

وقد وردت لفظة "حنفاء" في: سورتين فقط٣، وهما من السور المدنية، وقد لخص الفخر الرازى، والطبرسي: آراء العلماء في الحنيفية، وأجملاها في تفسيرهما للآية الكريمة؛ قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} فقالا: وفي الحنيفية أقول: أحدها- أنها: حج البيت؛ عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد.

ثانيها- أنها: اتباع الحق؛ عن مجاهد.

ثالثها- أنها: اتباع "إبراهيم" فيما يأتى به من الشريعة، التي صار بها إماما للناس بعده، من الحج والختان، وغير ذلك من شرائع الإسلام.

رابعها: أنها الإخلاص لله وحده، والإقرار بالربوبية، والإدغان للعبودية.

يقول جواد على ونلاحظ أن أهل الأخبار لم يكونوا على بينة تامة، وعلم واضح بأحوال "الحنيفية"؛ وبآرائها، وقواعد أحكامها وأصولها، وأنهم خلطوا في بعض الأحيان فيما بينها وبين الرهبنة، ولا سيما: "رهبنة النصرانية"٤، فأدخلوا فيها من يجب إخراجهم عنها؛ لأنهم: كانوا نصارى، على ما يذكره نفس أهل الأخبار في أثناء تحدثهم عنهم. ومن هؤلاء: "قس بن ساعدة الإيادي، وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحويرث".

فقد نصوا نصوصًا صريحة على أنهم كانوا من العرب المتنصرة؛ ثم نجدهم مع ذلك يدخلونهم في جملة "الأحناف".


١ انظر سورة البقرة آية ١٣٥، سورة آل عمران آية ٦٧، ٩٥، والنساء آية ١٢٥؛ والأنعام آية ٧٩، ١٦١، ويونس آية ١٠٥؛ والنحل آية ١٢٠، والروم آية ٣٠.
٢ انظر سورة الحج آية ٢٣١. سورة البينة آية ٥.
٣ الهامش السابق.
٤ المفصل ص٤٥١، ٤٥٢، ٤٥٣ مجمع البيان جـ١ ص ٢١٥، التفسير الكبير جـ ٤ ص٨٩.

<<  <   >  >>