للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنده، وينحرون له فلما خلا بعضهم إلى بعض، وتصادقوا قالوا: ليكتم بعضكم على بعض واتفقوا على ذلك؛ ثم قال قائلهم: تعلمون والله ما قومكم على شيء لقد أخطأوا دين "إبراهيم" وخالفوه؛ وما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع فابتغوا لأنفسكم؛ فإنكم والله ما أنتم على شيء، فخرجوا يطلبون، ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل الكتاب١.

وقد زار "زيد" الشام، والبلقاء، وعاش إلى خمس سنين قبل البعثة فهو: من أولئك الرهط الثائرين على قومهم، والذين أدركوا أيام الرسول؛ وقد نسبوا إليه شعرًا في تسفيه عبادة قومه، وفي فراقه دينهم، وما لقيه منهم، كان قد أوذي لمقالته هذه في دين قومه؛ حتى أكره على ترك مكة والنزول بـ "حداء" وكان الخطاب بن نفيل" عمه. وقد وكل به شبابًا من شباب قريش، وسفهاء من سفهائهم كلفهم ألا يسمحوا له بدخول البلدة ويمنعه من الاتصال بأهلها مخافة أن يفسد عليهم دينهم، وأن يتابعه أحد منهم على فراق ما هم عليه، واضطر زيد إلى المعيشة في هذا المحل معتزلا قومه إلا فترات كان يهرب خلالها سرًّا؛ ليذهب إلى موطنه ومسكنه؛ فكانوا إذا أحسوا بوجوده هناك آلموه وآذوه٢.

وقالوا إنه التقى في أثناء أسفاره هذه بأحبار من اليهود، وبعلماء من النصارى، ولكنه لم يجد عندهم ما يطمئن نفسه، وما يرى فيه التوحيد الخالص، ومبادئ إبراهيم لذلك لم يدخل في ديانة ما من هاتين الديانتين حتى قتل.

وهناك روايات أخرى تفيد رجوع "زيد" إلى قومه بعد عودته من الشام، ووفاته وفاة طبيعية لا قتلا بيد إنسان، ودفن بأصل حراء٣.

٢- عبيد الله بن جحش:

هو: "عبيد الله بن جحش بن رئاب بن أسد بن عبد العزى بن قصى".

وقد بقى مرتابا في دين قومه، بعيدا عنهم وعن عبادتهم، حتى إذا ظهر الإسلام دخل فيه؛ ثم هاجر مع هاجر إلى الحبشة، ومعه امرأته "أم حبيبة" بنت


١ المفصل جـ٦ ص٤٦٩.
٢ المفصل جـ٦ ص٤٧٠.
٣ المفصل جـ٦ ص٤٧٧ بلوغ الأرب جـ٢ ص٢٥١.

<<  <   >  >>