للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحرض قريشًا عليه حتى مات على حسده وعناده سنة تسع بالطائف قبل أن يسلم قومه الثقفيون؛ فهو لم يمت مسلمًا، ولم يمت على دين الوثنيين من قومه، بل مات كافرا بالديانتين١.

وقد ورد في بعض الأخبار أن أمية سافر مرة مع أبي سفيان والد معاوية في تجارة إلى بلاد الشام، فكان كلما نزل منزلا أخذ فيه سفرًا له يقرؤه على من معه، كما كان يزور علماء النصارى، ويتباحث معهم، وكان يلبس ثوبين أسودين حينما يقابلهم.

ولأمية ديوان ضم أكثر ما نسب إليه من شعر، وفي بطون كتب الأدب والأخبار أشعار أخرى لم يرد ذكرها في هذا الديوان، ومعظم شعره عن الدين، والآخرة، وعن الجنة والنار والحساب والكتاب، وقد تضمن إشارات إلى حوادث وقعت في أيامه، أو في أيام قريبة من أيامه مثل قصة الفيل. كما تضمن بعض قصصالأنبياء، ولتعرض شعره إلى هذه النواحى نعت بشاعر الآخرة.

ومما ذكره الإخباريون، ورواة شعر أمية من أمثلة على استعماله للكلم الغريب أنه استعمل: "الساهور للقمر"؛ وأنه ذكر السلطليط "اسما لله تعالى"، وأطلق كلمة "التغرور" على الله تعالى. وأنه سمى السماء "صاقورة"، و"حاقورة".

ولولعه باستعمال الغريب رفض علماء اللغة الاحتجاج بشعره٢.

والساهور كلمة آرامية الأصل من أصل "سهرو" بمعنى "القمر" وذكر ابن دريد: كان بعض العلماء يقول له: لولا النبي -صلى الله عليه وسلم- لادعت ثقيف أن أمية نبي؛ لأنه قد دارس النصارى، وقرأ معهم، ودارس اليهود وقرأ كل الكتب٣.

وقد كسف وتألم كثيرا وأكل الحسد قلبه حين فلت الأمر منه، إذ سمع بإعلان الرسول رسالته، ودعوة الناس إلى دين الله تعالى، الذي كان أمية نفسه يدعو إليه, وقد ورد أنه لما سمع بنبوة الرسول قال: إنما كنت أرجو أن أكونه.


١ المفصل جـ٦ ص٤٧٩، الأغاني جـ٤ ص١٢٠.
٢ المفصل جـ٦ ص٤٧٨.
٣ المفصل جـ٦ ص٤٨١.

<<  <   >  >>