كذلك لم تبق الجزيرة العربية بمنأى عن ديني التوحيد الكبيرين اللذين قاما على حدودها. فقد نفذت اليهودية والمسيحية إلى الصحراء.
ومن المصادر المهمة التي تفيد كثيرًا في معرفة المساحة الجغرافية التي انتشرت فيها اليهودية، المسيحية والمجوسية، وبعض العقائد الوثنية على خريطة شبه الجزيرة العربية وخارجها؛ كتاب:"فتوح البلدان للإمام: أبي الحسن البلاذري المتوفى ٢٩٦هـ".
فلقد ضمنه كثيرا من الإشارات المهمة في جمل وجيزة، عن بعض أحوال البلاد التى فتحها المسلمون من حيث العقائد المسيحية، أو اليهودية أو المجوسية، أو الملل الوثنية، التي قد لا يعثر عليها في المصادر المعنية بدراسة موضوع العقائد والأديان والمذاهب.
كذلك يمكن للقارئ أن يتتبع موضوع العقائد التي انتشرت في رقعة فتوح البلدان، التي فتحها "الله" عليهم من خلال كتب المصالحة التي صالح الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليها أهل تلك البلاد أو صحابته؛ فإنه كثيرًا ما ينص فيها على عقائد تلك البلاد.
كذلك يمكن للقارئ من خلال كتب المصالحات، أو المعاهدات أن يتبين العلاقة بين أصحاب الأديان المختلفة في البلد الواحد، فهل الغلبة لليهودية، أو المسيحية، أو المجوسية، أو الوثنية؟ ومن منهم كان أكثر استجابة للإسلام، وأمنعهم عليه؟ ومن منهم كان أكثر تآمرا عليه، وغدرا به؟
مثال ذلك:
١- ما رواه عن المجوس حين تحصن "المكبر" الفارسي صاحب كسرى، وانضم إليه المجوس، وامتنعوا عن أداء الجزية.
٢- ومن ذلك قوله: فكره المجوس واليهود الإسلام، ورحبوا أداء الجزية.
٣- وقوله: قال هشام: وسمعت مشايخنا يذكرون: أن اليهود كانوا كالذمة، يؤدون إليهم الخراج فدخلوا معهم الصلح.