للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ختمها بقوله:

كل دين يوم القيامة عند الـ ... ـله إلا دين الحنيفة زورُ

فالشعر الذي ساقه ابن هشام يذكرنا بأمرين؛ إما أنهم موحدون وإما أنه شعر منتحل.

ولعل مثل هذه الملاحظات جعلت بعض المستشرقين يزعم أن الرواة الإسلاميين هم الذين وضعوا لفظ الجلالة في شعر الجاهليين بدلا من كلمة اللات التي تتفق معها في الوزن.

يقول كارل فنيللينو: "بالغ الأب شيخو في كتابه المسمى بشعراء النصرانية من شعراء الجاهلية.

بالغ في ظنه هذا الرأي أي مبالغة كأنه زعم نصرانيا كل شاعر جاهلي ورد في شعره شيء مما يقرب من اعتقاده وحدانية الله أو من التأملات والاعتبارات الدينية فعد من النصارى امرؤ القيس والنابغة وطرفة".

يقول فنيللينو: لا شك عند كل منصف في إنهم من أصحاب الوثنية، أما المؤكد المثبت فإنما هو أن دين النصرانية ذاع في القرن السابق للهجرة في شمال جزيرة العرب فاعتنق بعض القبائل مثل بني تغلب، وقسم غير صغير من بني تميم فضلا عن أكثر المقمين بمملكة بني غسان وأكثر سكان مدينة الحيرة١.

فنيللينو: يرد على مبالغة شيخو قائلا: "أنه ربما تكون الأفكار التي تقترب من التوحيد نتيجة -تأملات وليست نتيجة النصرانية ولا سيما أن النصرانية -من الناحية التاريخية- تأخرت عن معاصرة هؤلاء الشعراء"٢.

ورأينا ما يؤيد فنيللينو في رواية مسلم عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر: يا ابن أخي صليت سنتين قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قلت: فأين كنت توجه؟


١ يراجع: رسالة الجاحظ في الرد على النصارى ضمن مجموعة رسائل الجاحظ تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون وهي ملحقة بالكتاب أثبتناها؛ لنبين مدى انتشارها في الجزيرة العربية.
٢ تاريخ الآداب العربية وهي محاضراته التي ألقاها في الجامعة المصرية ١٩١٠-١٩١١ طبع دار المعارف.

<<  <   >  >>