للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المناطق السامية؛ ففي عهد "داربوس" الكبير ٥٢-٨٦ جعلت الآرامية اللغة الرسمية بين مقاطعات الإمبراطورية الفارسية، وهكذا أصبحت حتى فتوحات الإسكندر اللغة المتداولة في إمبراطورية تمتد من الهند حتى الحبشة، وإن مثل هذا الفوز الذي حققته لغة لا تدعمها سلطة إمبراطورية من أهلها ليس له مثيل في التاريخ، ومع انتشار اللغة الآرامية انتشرت الأبجدية الفينيقية، التي كان الآراميون أول من اقتبسها، واستعملت في لغات أخرى في القارة الآسيوية؛ وحصل العبرانيون على أبجديتهم من الآراميين بين القرنين السادس، والرابع، وكانوا قبل يستعملون الأجدية الفينيقية القديمة مدة من الزمن، والحروف المربعة التي تطبع اليوم بها كتب التوراة العبرانية نشأت من الكتابة الآرامية وأخذ عرب الشمال أبجديتهم التي كتب بها القرآن الكريم من الآرامية التي استعملها الأنباط؛ وكذلك حصل الأرمن، والفرس، والهنود على أبجديتهم من مصادر آرامية، وحروف البهلوية، والسنسيكريتية إلى قلب الصين، وكوريا، وهكذا وصلت الحروف الفينيقية شرقًا بطريقة الآرامية إلى الشرق الأقصى، وغربًا بطريق اليونان إلى الأمريكتين مطوفة العالم كله١.

وقد تفرعت اللغة الآرامية مع الزمن إلى مجموعتين هما:

١- المجموعة الشرقية، في وادي الفرات، وتمثلها المندعية والسريانية.

ب- المجموعة الغربية، وتمثلها الآرامية التوراتية، والترجوم، ولهجات الشمال، وحماة، والتدمرية والنبطية؛ ثم أصبحت السريانية وهي لغة "أوديسا" لغة الكنائس في سورية، ولبنان وبلاد الرافدين مع بعض الاختلافات المحلية، حتى حلت العربية محلها؛ عندما اتخذ المسيحيون الآراميون لهجة أديسا، وجعلوها لغة الكنيسة، والأدب، والتعامل الثقافي، وصاروا يعرفون باسم سوريين.

الديانة الآرامية "حدد الراعد":

والإله الذي كان يوجه الآراميون أعظم اهتمام لعبادته كان "حدد" إله الزوابع والرعد، ويسمى أيضًا "أدو أو: أدو" وكان مفيدا حين يرسل المطر الذي يخصب


١ تاريخ سورية جـ١ ص١٨٢، ص١٨٣.

<<  <   >  >>