أما تمدن السومريين فاقتبسه الحمورابيون ورقوه وزادوا فيه كما فعل المسلمون بتمدن الروم والفرس وأكثرهم عناية في ذلك حمورابي؛ فإنه جمع الشرائع ونظمها وبوَّبها فعرفت باسمه، وقد رتبها في ٢٨٢ مادة، وجدوا نسخة منها ١٩٠١ في بلاد السوس منقوشة بالحرف المسماري على مسلة من الحجر الأسود الصلب طولها سبع أقدام وتدل تلك الشريعة على تقدم تلك الأمة في سلم الاجتماع إلى أرقي ما بلغت إليه تلك العصور ولا سيما في شروط الزواج والتنبي والإرث وإليك خلاصة ذلك.
نظام الاجتماع، طبقات الناس:
كان الناس في ذلك العصر ثلاث طبقات: الأحرار، العبيد، طبقة متوسطة بينهما، عبرنا عنها بالموالي على نحو ما كان عليه العرب في صدر الإسلام؛ فإن الموالي عندهم أرقى من العبد وأدنى من الحر، فإذا صح أن هذه الدولة عربية كان العرب أسبق أمم الأرض إلى سن الشرائع، وتنشيط العلم وأهم بلغوا في نظام الاجتماع ما لم يبلغ إليه معاصروهم، وما زالت الدولة البابلية الأولى -الحمورابية- قائمة حتى غلبت على أمرها، فخرج بعض أهل الدولة فرارًا من ذلك الغالب إلى إخوانهم في جزيرة العرب وأنشأوا في اليمن دولة عربية عرفت بدولة المعينيين، كان لها شأن كبير في تاريخ اليمن قبل دولة سبأ وحمير١.
هل دولة حمورابي عربية؟:
لا خلاف في أن دولة حمورابي سامية الأصل، ولكنهم اختلفوا في نسبتها إلى فرقة من الفرق السامية؛ وعندنا أنها من بدو الآراميين، وهم عرب ذلك العصر أو العمالقة، والأدلة على ذلك:
١- أن بروسوس مؤرخ الكلدان ذكر بين الدول التي حكمت بابل دولة سماها: عربية، وذكر عدد ملوكها وسنى حكمها ودولة حمورابي أقرب دول بابل عهدا من الزمن الذي عينه بروسوس للدولة العربية.