الأمثلة الأولى توكيدا، ويسمى اللفظ السابق وهو الوزير مؤكدا، ومثل كلمة النفس فيما تقدم كلمة "عين".
وإذا قلت: احترقت الدار فقد يستعظم السامع ذلك أيضا، ويقول في نفسه: لعل الذي احترق في الدار أثاثها، أو أبوابها أو غرفة من غرفها، ويتوهم أنك ذكرت لفظ الدار سهوا، فإذا أردت أن تدفع عنه مثل هذا الوهم فرد كلمة "كلها" وقل: "احترقت الدار كلها" على نحو ما في المثال الرابع، فبذلك يتأكد المعنى الحقيقي عند السامع، ولا يبقى له في الفهم مذهب آخر يذهب إليه، ومن أجل ذلك يسمى لفظ "كل" في الأمثلة الثلاثة الثانية توكيد أيضا، ويؤكد بها عند إرادة الشمول والعموم؛ ومثلها في ذلك كلمة "جميع".
وإذا قلت: نجح الأخوان فقد يستكثر السامع ذلك، ويظن أن الذي نجح هو أحدهما، فإذا أردت أن تدفع عنه هذا الظن فقل:"نجح الأخوان كلاهما"؛ ليتأكد المعنى الذي أردت، ولذلك تسمى كلمة "كلا" توكيدا وهي لإفادة الشمول ككل وجميع؛ ولا يؤكد بها إلا المثنى المذكر، ومثلها في المعنى والتوكيد كلمة "كلتا" غير أن هذه للمثنى المؤنث.
ولما كانت ألفاظ التوكيد الستة التي مرت بك وهي: النفس، والعين، وكل، وجميع، وكلا وكلتا. توافق الأسماء المؤكدة بها في المعنى وتخالفها في اللفظ سمي التوكيد بها توكيدا معنويا.
وبالبحث في جميع ألفاظ التوكيد المعنوي التي تراها في الأمثلة المتقدمة وفي جميع الأمثلة الأخرى تجد أولا أنها تتبع المؤكد في إعرابه؛ وثانيا أن كل لفظ منها يشتمل على ضمير يطابق المؤكد في تذكيره وتأنيثه، وفي إفراده وتثنيته وجمعه.