(قوله: «ليس شيء» أي: من الأذكار والعبادات فلا ينافيه قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣].
«أكرم» بالنصب خبر ليس أي أفضل «على اللَّه» أي: عند اللَّه «من الدعاء» لأن فيه إظهار الفقر والعجز والتذلل والاعتراف بقوة اللَّه وقدرته). اهـ.
٩ - عن سلمان الفارسي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إن اللَّه حييٌ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفرًا خائبتين».
(صحيح) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم - «الترغيب»(٢/ ٢٧٢).
جاء في «تحفة الأحوذي»(جـ٩ ص ٤٣٢):
(قوله: «إن اللَّه حييٌ» فعيل من الحياء أي كثير من الحياء ووصفه تعالى بالحياء يحمل على ما يليق له كسائر صفاته نؤمن بها ولا نكيفها «كريم» هو الذي يعطي من غير سؤال فكيف بعده. «صفرًا» بكسر الصاد المهملة وسكون الفاء أي خاليتين، قال الطيبي: يستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع «خائبتين» من الخيبة وهو الحرمان. وفي الحديث دلالة على استحباب رفع اليدين في الدعاء والأحاديث فيه كثيرة، وأما حديث أنس لم يكن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فالمراد به المبالغة في الرفع). اهـ.
١٠ - عن أبي هريرة أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم! اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن اللَّه لا يتعاظمه شيء أعطاه».
(صحيح). رواه البخاري في «الأدب المفرد» عن أبي سعيد - ورواه مسلم عن أبي هريرة.
جاء في «شرح مسلم» للنووي رحمه اللَّه تعالى (ج ١٧ ص ١٠، ١١ رقم ٢٦٧٩):
(وليعزم الرغبة، فإن اللَّه لا يتعاظمه شيء أعطاه) قال العلماء: عزم المسألة: الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها، وقيل: هو حسن الظن باللَّه تعالى في الإجابة. ومعنى الحديث استحباب الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة، قال العلماء: سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه؛ واللَّه تعالى منزه عن ذلك، وهو معنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في آخر الحديث:«فإنه لا مستكره له وقيل سبب الكراهة أن في هذا اللفظ صورة الاستغفار على المطلوب، والمطلوب منه». اهـ.