سنة خمسمائة، استحال أن يموت قبلها أو بعدها، فاستحال أن تكون الآجال التي عليها علم اللَّه تزيد أو تنقص، فتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبة إلى ملك الموت أو غيره ممن وكل بقبض الأرواح وأمره بالقبض بعد آجال محدودة، فإنه تعالى بعد أن يأمره بذلك أو يثبت في اللوح المحفوظ ينقص منه أو يزيد على ما سبق علمه في كل شيء، وهو بمعنى قوله تعالى:{ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ}[الأنعام: ٢] فالإشارة بالأجل الأول إلى ما في اللوح المحفوظ وما عند ملك الموت وأعوانه، وبالأجل الثاني إلى ما في قوله تعالى:{وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}، وقوله تعالى:{إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}[يونس: ٤٩]. والحاصل أن القضاء المعلق يتغير، وأما القضاء المبرم فلا يبدل ولا يغيره، انتهى). اهـ من «تحفة الأحوذي».
الدعاء يدفع المكروه:
جاء في «الجواب الكافي» لابن القيم رحمه اللَّه ما مختصره:
وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب ولكن قد يتخلف عنه أثره، إما لضعفه في نفسه، بأن يكون دعاء لا يحبه اللَّه لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على اللَّه وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًّا، فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا. وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتها عليه، كما في «مستدرك الحاكم» من حديث أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ادعوا اللَّه وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن اللَّه لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه»(١) فهذا (الدعاء) دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن اللَّه تبطل قوته، وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها، كما في «صحيح مسلم» من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا أيها الناس، إن اللَّه طيب، لا يقبل إلا طيبًا، وإن اللَّه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون: ٥١] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة: ١٧٢] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟» وذكر عبد اللَّه
(١) حسن - رواه الترمذي والحاكم. انظر «صحيح الجامع». (قل).