للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جلدة وأوقفه للناس، قال فبعث إليه فجيء به فقام إليه علي بن الحسين فقال: يا ابن عم تكلم بكلمات الفرج يفرج اللَّه عنك، فذكر حديث عليّ باللفظ الثاني، فقالها فرفع إليه عثمان رأسه فقال: أرى وجه رجل كذب عليه، خلوا سبيله، فسأكتب إلى أمير المؤمنين بعذره فأطلق. وأخرج النسائي والطبري من طريق الحسن بن الحسن بن علي قال: لما زوج عبد اللَّه بن جعفر ابنته قال لها: إن نزل بك أمر فاستقبليه بأن تقولي: لا إله إلا اللَّه الحليم الكريم، سبحان اللَّه رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. قال الحسن: فأرسل إليّ الحجاج فقلتهن فقال: واللَّه لقد أرسلت إليك وأنا أريد أن أقتلك، فلأنت اليوم أحب إليَّ من كذا وكذا. وزاد في لفظ: فسل حاجتك). اهـ من «الفتح».

تكملة أدعية الكرب من «زاد المعاد»:

٣ - وفي «جامع الترمذي» عن أنس أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا حزبه أمر، قال: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» (١).

وفي تأثير قوله: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث» في دفع هذا الداء مناسبة بديعة، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها، وصفة القيُّومِيَّة متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم اللَّه الأعظم الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعطى: هو اسم الحي القيوم، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات. ونقصان الحياة تضر بالأفعال، وتنافي القيومية، فكمال القيومية لكمال الحياة، فالحيُّ المطلق التام الحياة لا تفوته صفة الكمال البتة، والقيُّوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة، فالتوسل بصفة الحياة والقيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة، ويضر بالأفعال.

ونظير هذا توسل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ربه بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فإن حياة القلب بالهداية، وقد وكَّل اللَّه سبحانه هؤلاء الأملاك الثلاثة بالحياة، فجبريل موكَّل بالوحي الذي هو حياة القلوب، وميكائيل بالقطر الذي هو حياة الأبدان والحيوان، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى أجسادها، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة، له تأثير في حصول المطلوب.

والمقصود: أن لاسم الحي القيوم تأثيرًا خاصًا في إجابة الدعوات، وكشف الكربات، وفي «السنن» و «صحيح أبي حاتم» مرفوعًا: «اسم اللَّه الأعظم في هاتين الآيتين» {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ١٦٣]، وفاتحة آل عمران: {الم - اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، قال الترمذي: حديث صحيح (٢).

٤ - وفي «سنن أبي داود» عن أبي بكرة، أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا


(١) أخرجه الترمذي (٣٥٢٢) في الدعوات، وفي سنده يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف. اهـ. لكن حسنه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» برقم (٢٧٩٦ - ٣٧٧٣). (قل).
(٢) أخرجه الترمذي وابن ماجه وأبو داود وأحمد والدارمي من حديث عبيد اللَّه بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، وعبيد اللَّه ليس بالقوي، وشهر بن حوشب تكلم فيه غير واحد، لكن له شاهد يتقوى به من حديث أبي أمامة مرفوعًا بلفظه: «اسم اللَّه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في سور ثلاث: البقرة وآل عمران وطه»، أخرجه ابن ماجه (٣٨٥٦)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١/ ٦٣)، والحاكم (١ - ٥٠٦)، وسنده حسن. اهـ. وقد حسن الألباني الحديث الأول من الهامش، وصحح الثاني - انظر «صحيح الجامع» قال المناوي رحمه اللَّه تعالى في «فيض القدير»: (قال أبو شامة، فالتمستها فوجدت في البقرة في آية الكرسي: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .... } [الآية: ٢٥٥]، وفي آل عمران: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [الآية: ٢]، وفي طه: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [الآية: ١١١]. (قل).

<<  <   >  >>