للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إله إلا أنت» (١).

وفي قوله: «اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت» من تحقيق الرجاء لمن الخير كله بيديه والاعتماد عليه وحده، وتفويض الأمر إليه، والتضرع إليه، أن يتولى إصلاح شأنه، ولا يكله إلى نفسه، والتوسل إليه بتوحيده مما له تأثير قوي في دفع هذا الداء، وكذلك قوله: «اللَّه ربي لا أشرك به شيئًا».

٥ - وعن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب، أو في الكرب: اللَّه ربي لا أشرك به شيئًا» (٢).

وفي «مسند الإمام أحمد» عن ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما أصاب عبدًا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي، إلا أذهب اللَّه حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرحًا» (٣).

وأما حديث ابن مسعود: «اللهم إني عبدك ابن عبدك» ففيه من المعارف الإلهية، وأسرار العبودية ما لا يتسع له كتاب، فإنه يتضمن الاعتراف بعبوديته وعبودية آبائه وأمهاته، وأن ناصيته بيده يصرفها كيف يشاء، فلا يملك العبد دونه لنفسه نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا، لأن من ناصيته بيد غيره، فليس إليه شيء من أمره، بل هو عانٍ في قبضته (٤)، ذليل تحت سلطان قهره.

وقوله: «ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك»:


(١) أخرجه أبو داود (٥٠٩٠): باب ما يقول إذا أصبح، وأحمد (٥/ ٤٢)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٧٠١)، وسنده حسن، وصححه ابن حبان (٢٣٧٠)، وقد وهم المصنف رحمه اللَّه، فجعل الحديث من «مسند أبي بكر الصديق».
(٢) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وسنده حسن - انظر «صحيح الجامع» -. (قل).
(٣) أخرجه أحمد في «المسند» (١/ ٣٩٤ و٤٥٢)، وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (٢٣٧٢). اهـ. وفي آخره كما في «المسند» (قال: فقيل: يا رسول اللَّه، ألا نتعلمها؟ قال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها). (قل).
(٤) عان في قبضته - أي: أسيرًا - معنى ذلك في «المعجم الوسيط». (قل).

<<  <   >  >>