للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالفتح فهي الاسم من قوله اختاره اللَّه كذا في النيل «بعلمك» الباء فيه وفي قوله بقدرتك للتعليل أي بأنك أعلم وأقدر، قاله زين الدين العراقي.

وقال الكرماني: يحتمل أن تكون للاستعانة وأن تكون للاستعطاف كما في قوله: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [القصص: ١٧] أي: بحق علمك وقدرتك الشاملين، كذا في «عمدة القاري».

وقال القاري في «المرقاة»: أي: بسبب علمك، والمعنى أطلب منك أن تشرح صدري (١) لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور وجزئياتها وكلياتها، إذ لا يحيط بخير الأمرين على الحقيقة إلا من هو كذلك كما قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢١٦].

قال الطيبي: الباء فيهما إما للاستعانة أي أطلب خيرك مستعينًا بعلمك، فإني لا أعلم فيهم خيرك وأطلب منك القدرة، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك، وإما للاستعطاف. انتهى مختصرًا.

«وأستقدرك» أي: أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه «وأسألك من فضلك العظيم» أي: تعيين الخير وتبيينه وتقديره وتيسيره وإعطاء القدرة لي عليه «اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر» (٢) أي: الذي يريده.

قال الطيبي: معناه اللهم إنك تعلم، فأوقع الكلام موقع الشك على معنى التفويض إليه والرضا بعلمه فيه، وهذا النوع يسميه أهل البلاغة تجاهل العارف ومزج الشك باليقين، يحتمل أن الشك في أن العلم متعلق بالخير أو الشر لا في أصل العلم انتهى.

قال القاري: والقول الآخر هو الظاهر وتوقف في جواز الأول بالنسبة إلى اللَّه تعالى «في ديني» أي: فيما يتعلق بديني «ومعيشتي» وقع في رواية البخاري ومعاشي.

قال العيني: المعاش والمعيشة واحد يستعملان مصدرًا واسمًا، وفي المحكم العيش الحياة عاش عيشًا وعيشة ومعيشًا ومعاشًا ثم قال: المعيش والمعاش والمعيشة ما يعاش به. انتهى.

قال الحافظ: زاد أبو داود ومعادي وهو يؤيد أن المراد بالمعاش الحياة، ويحتمل أن يريد بالمعاش ما يعاش فيه، ولذلك وقع في حديث ابن مسعود عن الطبراني في «الأوسط»


(١) سيأتي إن شاء اللَّه تعالى التعليق على انشراح الصدر. (قل).
(٢) في «عون المعبود»: «اللهم إن كنت تعلم: أي: إن كان في علمك». (قل).

<<  <   >  >>