قال ابن عباس: أخبر اللَّه عباده بعفوه وحلمه وكرمه، وسعة رحمته، ومغفرته، فمن أذنب ذنبًا صغيرًا كان أو كبيرًا {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}، ولو كانت ذنوبه أعظم من السماوات والأرض والجبال (١).
وقال ابن جرير: قال عبد اللَّه: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبًا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه، وإذا أصاب البول منه شيئًا قرضه بالمقراض، فقال رجل: لقد آتى اللَّه بني إسرائيل خيرًا، فقال عبد اللَّه رضي اللَّه عنه: ما آتاكم اللَّه خيرًا مما آتاهم، جعل الماء لكم طهورًا).
قال ابن كثير رحمه اللَّه تعالى: (وقوله تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا} أي: جزاؤه على ما فعل من هذه الصفات القبيحة ما ذكر {إلاَّ مَن تَابَ} أي: في الدنيا إلى اللَّه عزَّ وجلَّ من جميع ذلك، فإن اللَّه يتوب عليه، وفي ذلك دلالة على صحة توبة القاتل، ولا تعارض بين هذه وبين آية النساء:{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} الآية، فإن هذه وإن كانت مدنية، إلا أنها مطلقة، فتحمل على من لم يتب.
في معنى قوله:{يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} قولان:
أحدهما: أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات. قال ابن عباس: هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات فرغب اللَّه بهم عن السيئات فحولهم إلى الحسنات فأبدلهم مكان السيئات الحسنات. وقال سعيد بن جبير: أبدلهم اللَّه بعبادة الأوثان عبادة الرحمن، وأبدلهم بقتال المسلمين قتال المشركين، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات. وقال الحسن البصري: أبدلهم اللَّه بالعمل السيئ العمل الصالح، وأبدلهم بالشرك إخلاصًا، وأبدلهم بالفجور إحصانًا، وبالكفر إسلامًا.
والقول الثاني: أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات، كما ثبتت