والخلاصة: وظِّف حسن التعامل، مراعيًا الوقت المناسب، وإذا اعتذر منك إلى وقت آخر فاقبل بانشراح صدر.
وإذا قيل: انتظر، فانتظر، وأنت مُنعم البال، غير متبرم.
وحكم مراعاة وقت الاتصال هذا، هو في غير الأماكن العامة المفتوحة على مدار ساعات الليل والنهار، كالفنادق ودور التأجير للمسافرين، ومن في حكمهم.
دقات الاتصال:
التزم الاعتدال والوسط، بما يغلب على الظن سماع منبه الهاتف، ولا تُحَدُّ دقات الاتصال هنا بثلاث للحديث المتفق عليه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فلينصرف»؛ للحديث الآخر المبين لحكمة الاستئذان، أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إنما جعل الاستئذان من أجل البصر»(١) رواه البخاري ومسلم، وهذه غير واردة في المهاتفة [أي المكالمة عن طريق الهاتف].
لكن احذر الإفراط والمبالغة دفعًا لإيذاء المُهَاتَف ومن حوله، وانظر إلى أدب الصحابة - رضي اللَّه عنهم - مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ كانوا يقرعون أبواب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأظافر. رواه البخاري في «الأدب المفرد»، والخطيب في «جامعه»، وعنه القرطبي في «تفسيره»(١٢/ ٢١٧).
ومثله في عصرنا: المنبه الكهربائي على أبواب البيوت، فلتستعمل بلطف لا بعنف وإطالة.
مدة الاتصال:
ومقياسها: لكل مقام مقال، ولكل مقام مقدار، فاحذر الثرثرة والإملال، والإطالة، والإثقال.
السلام من المتصل بداية ونهاية:
المتصل هو القادم، فإذا رفعت سماعة الهاتف فبادر بالتحية الإسلامية «السلام عليكم» فهي شعار الإسلام، ومفتاح الأمان والسلام، وهي شرف لأمة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ويجب الجواب على سامعه.
(١) قال النووي رحمه اللَّه في «شرح مسلم» (جـ ١٤ ص: ١٩٤): (إنما جعل الإذن من أجل البصر: معناه أن الاستئذان مشروع ومأمور به، وإنما جعل لئلا يقع البصر على الحرام، فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب ولا غيره، مما هو متعرض فيه لوقوع بصره على امرأة أجنبية) وانظر «تحفة الأحوذي» (جـ٧ ص: ٤٥٣، ٤٥٤). (قل).