للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا وردت السنة الشريفة، فعن ربعي - رضي اللَّه عنه - قال: أخبرنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لخادمه: «اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟» فسمعه الرجل، فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخل (١). رواه أبو داود.

فدل على تقديم السلام، فليقدم المهاتف السلام على الكلام، ولا يسقط حتى يكلمه المتصل عليه، ومما ينهى عنه هنا: هجر هذه التحية الإسلامية المباركة والعدول عنها إلى نحو: «صباح الخير، صباح النور».

ومما ينهى عنه هنا: المبادرة من المتهاتفين (٢) بلفظ: «ألو» ولو أفتاك الناس وأفتوك، فهي لفظه مولدة، فرنسية المولد، يأباها اللسان العربي؛ إذ تقلص ظلها.

ومما ينهى عنه هنا: سكوت المتصل إذا رفعت «السماعة» حتى يتكلم المتصل عليه، وهذا فيه إخلال بالأدب من عدة جهات لا تخفى.

منها: مخالفة السنة في بدء المستأذن، والقادم بالسلام.

ومنها: أن المتصل هو الطالب فعليه المبادرة بالسلام، فالكلام طلبًا أو استقبالاً.

ومنها: أن بعض من ضعف أدبهم، وضمر إحساسهم ولطفهم، يقصد الفحص والتعرف، هل أنت موجود، أم لا؟ فإذا رفعت السماعة، وقلت: نعم، عرف المراد فوضعها. وهذا التفحص من التخون المرذول. قبح اللَّه هذه الفعلة، وقبح فاعلها وحسابهم على اللَّه عز وجل.

(إذا أجابك صاحب الهاتف، وقال: من المتكلم؟ فقل: فلان الفلاني، أو بما يعرف شخصك عنده.

واحذر الجواب بما فيه تعمية، مثل: أنا. أنا صديقه. أنا جاره. وهكذا.

عن جابر - رضي اللَّه عنه - قال: استأذنت على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «من هذا؟» فقلت: أنا، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنا أنا». رواه مسلم، وأبو داود، وزاد: كأنه كرهه. رواه البخاري ومسلم.

واحذر أن تقع في طبع من يحجم عن الإخبار باسمه، إذا لم يجد الشخص المراد، ففي هذا نقص في الأدب، واستصغار للآخرين، وإشغال لبال أهل الدار.


(١) صحيح - انظر «صحيح أبي داود». (قل).
(٢) المتحدثين عن طريق الهاتف. (قل).

<<  <   >  >>