للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظل الشرع المطهر.

وكان من تدبيره في الهاتف:

أن المرأة لا ترفع يد الهاتف، وفي الدار رجل من أهلها.

وأن الأهل محجوبون عن فضول الاتصال.

وقد لقنهم آداب الهاتف، ونشَّأ أولاده على ذلك، فأصبح لديهم من الأدب الموروث.

ومسكين صاحب البيت «المسبوه» (١) هاتفه في الدار مبثوث، واقع في كف كل لاقط من بنين، وبنات، وكبار، وصغار، إذا دق جرس الهاتف لقطه أكثر من واحد.

وإذا كلمت المرأة المهاتف استرسلت معه كأنما تهاتف والدها بعد غيبة طويلة، فياللَّه كم يقع في الدار من شرار فاللهم لطفك وسترك يا كريم يا رحمن يا رحيم. والموفق من إذا ذكر تذكر، وإذا بصر تبصر ...

الهاتف والمستفتي:

جميلة طريقة ذلك المستفتي الذي يتصل على المفتي قائلاً: «السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، لدي - أحسن اللَّه إليك - سؤال، هو .... » وبعد نهاية المكالمة، يقول: «جزاكم اللَّه خيرًا، وأثابكم، السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته».

طريقة، مؤدبة، مختصرة، خالية من تطويل التحايا بلا طائل، وتعطي الفرصة لسائل آخر.

لكن ماذا هنا من المحاذير، وماذا هنا مما يقع من الأذايا:

الأسئلة المفتعلة لاختبار فقه المفتي، فقد يكون المستفتي، بحث المسألة، وحضَّر الجواب، ثم يأخذ في التعنت، والمحاجة؛ ليظهر عجز المفتي، وهذا يفعله بعض الذين شبعت روحهم بالتنفير من العلماء، والوقوع فيهم (٢).

ومن طريقتهم أيضًا: الأسئلة المفتعلة لمعرفة انتماء المفتي، فيُعَمِّدون بعض الشباب المتدين المُغَرَّرِ بهم لسؤال المفتي عن موضوع كذا؛ ليثبتوا له أنه صاحب بدعة، على مشربهم الموغِل في الغلو، وإيجاد الفجوة السحيقة بين العلماء وشباب الأمة.


(١) السبه: ذهاب العقل.
(٢) وليحذر العالم من ضياع وقته في الهاتف، فإن وقته للكتاب، ولا يكون اتصاله بالهاتف إلا لضرورة، وكذا استقباله للمكالمات، وأنصح نفسي وإياك بقراءة رسالة «قيمة الزمن عند العلماء» لأبي غدة رحمه اللَّه تعالى. (قل).

<<  <   >  >>