للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكون متكبرًا عن الامتثال للحق، ولقد ذم اللَّه المعرضين عن سبيل الرشد فقال: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٤٦].

التاسعة والأربعون: إذا أردت أن تنصح إنسانًا فلا تنصحه أمام الناس، ولتكن النصيحة بينك وبينه، قال الإمام الشافعي: من وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.

الخمسون: جاء في باب سد الذرائع في «إغاثة اللهفان» لابن القيم: (منع المقرض من قبول هدية المقترض، ما لم يكن بينهما عادة جارية بذلك قبل القرض.

ففي «سنن» ابن ماجه (١) عن يحيى ابن إسحاق الهنائي قال: سألت أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال، فيهدي إليه؟ فقال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أقرض أحدكم قرضًا فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبنها، ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك»). انتهى.

ثم قال رحمه اللَّه: وكل ذلك سدًّا لذريعة أخذ الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل.

الحادية والخمسون: الصمت حكم وقليل فاعله (قول للقمان الحكيم). واعلم أن من أعظم العبادة وأيسرها على البدن الصمت، وحسن الخلق، لذا كان من صفات عباد الرحمن كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢]. ومن صفاتهم أيضًا قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: ٥٥] قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} أي: لا يخالطون أهله ولا يعاشروهم. {وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ ... } أي: إذا سفه عليهم سفيه وكلمهم بما لا يليق أعرضوا عنه، ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح، ولا يصدر عنهم إلا كلم طيب {وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} أي: لا نريد طريق الجاهلية ولا نحبها (٢). انتهى.

وفي «مختصر منهاج القاصدين»: دخل عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين المسجد ليلة في الظلمة، فمر برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال: أمجنون أنت؟ فقال


(١) ضعيف - انظر «ضعيف الجامع». (قل).
(٢) «مختصر تفسير ابن كثير» (ج٣ ص: ١٨). (قل).

<<  <   >  >>