للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر: لا، فهم به الحرس، فقال عمر: مه، إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا.

الثانية والخمسون: ما هي آخر مرة زرت فيها المقابر للعظة.

الثالثة والخمسون: اكتب وصيتك الشرعية إذا كان عندك ما توصي به وإلا فإن التأخير دليل على طول أملك في الدنيا، قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.

الرابعة والخمسون: لا تتحرج في كتابة الدّين، وإن كان المدين قريبًا لك خاصةً إذا كنت تعلم أنه قد يماطل في الحق، لأن اللَّه تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢].

قال ابن كثير رحمه اللَّه: هذه الآية أطول آية في القرآن العظيم، وقد قال الإمام أبو جعفر بن جرير عن سعيد بن المسيب أنه بلغه: أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين، فقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ} هذا إرشاد من اللَّه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها، ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها وأضبط للشاهد فيها .. إلى أن قال رحمه اللَّه: فأمروا أمر إرشاد لا أمر إيجاب كما ذهب إليه بعضهم.

وقال رحمه اللَّه في تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣]. وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال:: هذه نسخت ما قبلها وقال الشعبي: إذا ائتمن بعضكم بعضًا فلا بأس ألا تكتبوا أو لا تشهدوا (١). انتهى.

أي: أن الآية الثانية - واللَّه أعلم - نسخت ما في الآية الأولى من الكتابة والإشهاد على سبيل الإيجاب، لكنها لم تنسخ العمل بهما على سبيل الاستحباب.

الخامسة والخمسون: إذا اشتريت شيئًا مكيلاً أو موزونًا وأردت أن تبيعه فعليك أن تعيد الكيلَ مرة أخرى، وكذا الموزون أن تزنه مرة أخرى، فإن الإعراض عن ذلك خطأ يقع فيه غالب المسلمين، وعلى ذلك فإن ذمة البائع الثاني لا تبرأ بكيل ووزن البائع الأول، عن عثمان بن عفان، قال: كنت أبيع التمر في السوق، فأقول: كلت في وسقي هذا كذا، فأدفع أوساق التمر بِكَيْله وآخذ شفي، فدخلني من ذلك شيء، فسألت رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «إذا سميت الكيل فكله». رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

جاء في «سنن ابن ماجه» (جـ ٣ ص ٥١): (قوله: «في وسق» بفتح واو وسكون سين، المقدار معين، ولعل المراد أنه كان يبيع بكيل البائع الأول ويقول للمشتري: إني


(١) «مختصر تفسير ابن كثير» (ج١ ص: ٢٥٢: ٢٥٦). (قل).

<<  <   >  >>