للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحلال مرجعها إلى اللَّه لا إلى الأهواء.

ب- وقد كان بعض السلف يتحرجون في الإفتاء فكانوا يقولون عند الإفتاء: (كانوا يقولون كذا). قال ابن كثير رحمه اللَّه: ويدخل في هذا الأمر - أي الافتراء - كل من ابتدع بدعة ليس فيها مستند شرعي، أو حلل شيئًا مما حرم اللَّه أو حرم شيئًا مما أباح اللَّه بمجرد رأيه وتشهيه (١). انتهى.

بل يمكنك أن تقول له: إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الشرب واقفًا، إلا في حدود ما استنثنى، فعندما تشرب وأنت جالس (٢) على الكرسي تكون قد امتثلت لنهي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولكن إذا شربت جالسًا، وعلى الأرض، فلك ثوابان: ثواب الجلوس، وثواب المتابعة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

جـ- بعض الناس في هذه الأيام ليس عندهم إلا كلمتا حلال وحرام، ولم يعلموا أن الأحكام التي للعبودية خمسة: واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح.

د- تَفَهُّم فحوى النص: فمثلاً ما رواه البخاري عن أنس رضي اللَّه عنه قال: «لم يأكل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خوان حتى مات» والخوان كما جاء في شرح هذا الحديث: المائدة ما لم يكن عليها طعام. فالحديث هنا يدل على الاستحباب لا على الوجوب.

هـ- قال ابن القيم رحمه اللَّه: ( ... والمقصود أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر، واتساع القلب، وقرة العين، وحياة الروح، فهو أكمل الخلق في هذا الشرح والحياة، وقرة العين مع ما خُصَّ به من الشرح الحسي، وأكمل الخلق متابعة له، أكملهم انشراحا ولذة وقرة عين، وعلى حسب متابعته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينال العبد من انشراح صدره، وقرة عينه، ولذة روحه ما ينال ... وهكذا لأتباعه نصيب من حفظ اللَّه لهم، وعصمته إياهم، ودفاعه عنهم، وإعزازه لهم، ونصره لهم، بحسب نصيبهم من المتابعة، فمستقل، ومستكثر. فمن وجد خيرًا فليحمد اللَّه، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه) (٣). انتهى. فالمتابعة له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكيال ومن أوفى استوفى.

الثامنة والخمسون: لا تحرم وارثًا من إرثه، قال تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمًّا} [الفجر: ٩]، وروي أن من حرم وارثًا من إرثه حرمه اللَّه من ميراث الجنة.


(١) «مختصر تفسير ابن كثير» (ج٣ ص: ٣٥٠). (قل).
(٢) سيأتي إن شاء اللَّه تعالى حكم الشرب واقفًا. (قل).
(٣) «زاد المعاد» لابن القيم (ج٢ ص: ٢٧). (قل).

<<  <   >  >>