وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» وقال قتادة: افترض اللَّه ذكره عند أشغل ما يكون، عند الضرب بالسيوف. وعن كعب الأحبار قال: ما من شيء أحب إلى اللَّه تعالى من قراءة القرآن والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ}. فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا، وأن يذكروا اللَّه في تلك الحال ولا ينسوه، بل يستعينوا به، ويتوكلوا عليه، ويسألوه النصر على أعدائهم، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضًا فيختلفوا، فيكون سببًا لتخاذلهم وفشلهم {وَتَذْهَبَ رِيحُكم} أي: قوتكم ووحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال {واصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وقد كان للصحابة رضي اللَّه عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم اللَّه ورسوله به، وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم، ولا يكون لأحد ممن بعدهم، فإنهم ببركة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقًا وغربًا في المدة اليسيرة، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم، وقهروا الجميع حتى علت كلمة اللَّه وظهر دينه على سائر الأديان، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة، فرضي اللَّه عنهم وأرضاهم). اهـ من «مختصر ابن كثير».
تنبيه:
بعض الناس يرى في الفتن، أن البعد عن التمسك بالسنة سبيل للنجاة، فتراه يسارع إلى حلق اللحية، وخلع القميص، والبعد عن الصلاة ومجالس العلم في المساجد التي قال اللَّه فيها:{لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ}[التوبة: ١٠٨]، بل يأمر البعض زوجه - أي امرأته - بخلع النقاب، وعلاج ذلك أن اللَّه تعالى يقول:{وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ}[الأنعام: ١٧]، وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:« .... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف». صحيح - رواه أحمد والترمذي والحاكم كما في «صحيح الجامع»، وجاء في «الفتح»: «لا يمنع العذابَ الفرارُ، وإنما يمنعه التوبةُ والاستغفار». اهـ.
واعلم أن العبد إذا أتاه الابتلاء - نسأل اللَّه العافية مع محبته - فكيف يعرف أن هذا الابتلاء