ومهما يكن من أمر هذه الشبه الباطلة، فإن لأعداء هذا الدين حججًا وأقوالاًً أخرى، يأملون أن يدعموا بها باطلهم! ولكنها أقوال لا رصيد لها من المعنى الذي يمكن أن يتقبله العقل السليم.
وما أكثر ما ضلت فتيات مؤمنات، عن رشد العقل، بهذه الأقوال المرصوفة الخادعة، وما أكثر ما تبين لهن أنها أباطيل خادعة، ولكن ذلك لم يتبين لهن إلا بعد أن تجاوز الأمر بهن إلى نهاية لا طاقة لهن إلى الرجوع عنها، بل إلى أودية سحيقة لا سبيل لهن إلى التسامي فوقها! وإنني - أيتها الأخت المؤمنة - سأعرض لك جميع هذه الأقوال بزخرفها الخادع، ثم أجردها أمامك من زيفها اللصيق لترى عظيم ما فيها من الخداع والتضليل، حتى إذا تبين لك ذلك كنت أقدر على الصمود في وجه الباطل الذي تتعرضين له، وأكثر ثباتًا وصلابة على الحق الذي تعتزين به.
١ - يقولون لك: إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها، وكم من فتاة محتجبة عن الرجال في ظاهرها، وهي تمارس معهم البغي والفجور في سلوكها، وكم من فتاة حاسرة الرأس سافرة الوجه لا يعرف السوء سبيلاً إلى نفسها أو سلوكها.
وأقول لك: إن هذا صحيح. فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة، ولا أن تخلق له استقامة معدومة، ورب فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها. ولكن من هذا الذي زعم أن اللَّه إنما شرع الحجاب لجسم المرأة ليخلق الطهارة في نفسها أو العفة في أخلاقها؟
ومن هذا الذي زعم أن الحجاب إنما شرعه اللَّه ليكون إعلانًا بأن كل من لم تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي الغواية مع الرجال؟
إن اللَّه جل جلاله إنما فرض الحجاب على المرأة محافظة على عفة الرجال الذين تقع أبصارهم عليها، لا حفاظًا على عفتها من الأعين التي تراها! .. ولئن كانت تشترك معهم هي الأخرى في هذه الفائدة في كثير من الأحيان، فإن فائدتهم من ذلك أعظم وأخطر. وإلا فهل يقول عاقل - تحت سلطان هذه الحجة المقلوبة - إن للفتاة أن تبرز عارية أمام الرجال كلهم ما دامت ليست في شك من قوة أخلاقها وصدق استقامتها؟!
إن بلاء الرجال بما يقع عليه أبصارهم من مغريات النساء وفتنتهن، هو المشكلة التي أحوجت [الأمة] إلى حل، فكان في فضل اللَّه ما تكفل به على أفضل وجه. وبلاء الرجال، إذا لم يجد في سبيله هذا الحل الإلهي، ما من ريب أنه سيتجاوز بالسوء إلى النساء أيضًا. ولا يغني عن الأمر شيئًا أن تعتصم المرأة المتبرجة عندئذ باستقامة في سلوكها أو عفة في