للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن حكمه حكم ما عُطف عليه، وهو قوله: "خلطونا"١.

الضرب الثاني٢: أن يكون الغرض إفادة تعلقه بمفعول، فيجب تقديره بحسب القرائن٣.

ثم حذفه من اللفظ: إما للبيان بعد الإبهام، كما في فعل المشيئة إذا لم يكن في تعلقه بمفعوله غرابة٤ كقولك: لو شئت جئت، أو لم أجئ؛ أي: لو شئت المجيء أو عدم المجيء؛ فإنك متى قلت "لو شئت" علم السامع أنك علقتَ المشيئة بشيء، فيقع في نفسه أن هنا شيئا تعلقت به مشيئتك بأن يكون أو لا يكون، فإذا قلت: "جئت أو لم أجئ" عرف ذلك الشيء، ومنه قوله تعالى: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٩] . وقوله تعالى: {فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} [الأنعام: ٣٩] وقول طرفة "من الطويل":

فإن شئت لم تُرقِل، وإن شئت أرقلت ... مخافة ملوي من القِدّ محصد٥

وقول البحتري "من الكامل":

لو شئت عدت بلاد نجد عودة ... فحللت بين عقيقه وزَرُوده٦


١ جعله عبد القاهر مثل الحذف في "وأدفأت وأظلت", وما ذهب إليه الخطيب أقوى وأدق.
٢ أي: من الفعل المتعدي الذي لم يُذكر له مفعول.
٣ يشير بهذا إلى أن حذف المفعول لا بد فيه من قرينة تدل عليه.
٤ مثله فعل الإرادة والمحبة ونحوهما، نحو: "لو أحب لأعطاكم". ولا يلزم أن يكون شرطا كما ذكر في هذه الأمثلة، ومن مجيئه غير شرط قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥] ، ولكن الظاهر أن الحذف في الآية ليس للبيان بعد الإبهام.
٥ هو لعمرو بن العبد المعروف بطرفة. وقوله: لم ترقل بمعنى: لم تسرع، والضمير لناقته، والملوي: السوط المفتول، والقد: الجلد المشقوق، والمحصد: المفتول المحكَم.
٦ هو للوليد بن عبيد المعروف بالبحتري، وقوله: عدت بلاد نجد بمعنى عدت إليها، وعقيق نجد وزروده: موضعان به. وخطابه للسحاب الوارد في قوله قبل هذا البيت في مطلع القصيدة:
يا عارضا متلفعا ببروده ... يختال بين بروقه ورعوده

<<  <  ج: ص:  >  >>