على الماء، وكالراقم في الماء"؛ فإن المشبه هو الساعي، لا مطلقا، بل مقيدا بكون سعيه كذلك، والمشبه به هو القابض أو الراقم، لا مطلقا، بل مقيدا بكون قبضه على الماء أو رقمه فيه؛ لأن وجه الشبه فيهما هو التسوية بين الفعل وعدمه في عدم الفائدة، والقبض على الماء والرقم فيه كذلك؛ لأن فائدة قبض اليد على الشيء أن يحصل فيها، فإذا كان مما لا يتماسك؛ فقبضها عليه وعدمه سواء، وكذلك القصد بالرقم في الشيء أن يبقى أثره فيه، فإذا فُعل فيما لا يقبله كان فعله كعدمه؛ فالقيد في هاتين الصورتين هو الجار والمجرور.
ونحوهما قولهم: "هو كمن يجمع سيفين في غمد"١ وقولهم: "كمبتغي الصيد في عِرِّيسة الأسد"٢، وقد يكون حالا؛ كقولهم: "هو كالحادي وليس له بعير"٣.
فإن المشبه فيه هو المتكلم بقيد اتصافه بتزيينه بمدحه معشرا، فمتعلق التزيين أعني قوله: "بمدحي" داخل في المشبه، والمشبه به من يعلق درا، بقيد أن يكون تعليقه إياه على خنزير، فالشبه مأخوذ من مجموع المصدر وما في صلته، وهو أن كل واحد منهما يضع الزينة حيث لا يظهر لها أثر؛ لأن الشيء غير قابل للتزيين؛ فالواو في قوله: "وتزييني" بمعنى مع؛ إذ لا يمكن أن يقال: إني كذا، وإن تزييني كذا٥؛ لأنه ليس معنا شيئان يكون أحدهما خبرا عن ضمير المتكلم، والآخر عن تزييني، لا يقال تقديره: إني كمعلق درا على خنزير، وإن تزييني بمدحي معشرا كتعليق در على خنزير؛ لأنه لا يتصور أن يشبه المتكلم نفسه -من حيث هو- بمعلق درا على خنزير، بل لا بد أن يكون يشبه نفسه باعتبار تزيينه بمدحه معشرا.
وإما مختلفان، والمقيد هو المشبه به، كقوله:
والشمس كالمرآة في كف الأشل٦
فإن المشبه هو الشمس على الإطلاق، والمشبه به هو المرآة لا على الإطلاق، بل بقيد كونها في يد الأشل.