وإن اختلفا في أنواع الحروف اشتُرط ألا يقع الاختلاف بأكثر من حرف.
ثم الحرفان المختلفان إن كانا متقاربين١ سمي الجناس مضارعا؛ ويكونان إما في الأول؛ كقول الحريري:"بيني وبين كِنِّي ليل دامس، وطريق طامس"، وإما في الوسط؛ كقوله تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}[الأنعام: ٢٦] وقول بعضهم: "البرايا أهداف البلايا", وإما في الآخر؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم:"الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة".
وإن كانا غير متقاربين سمي لاحقا، ويكونان أيضا إما في الأول؛ كقوله تعالى:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[الهمزة: ١] وقول بعضهم: "رب وَضِيّ غير رَضِيّ". وقول الحريري:"لا أعطي زمامي لمن يخفر ذِمَامي", وإما في الوسط؛ كقوله٢ تعالى:{ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}[غافر: ٧٥] , وقوله:{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ، وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}[العاديات: ٧, ٨] ، وإما في الآخر؛ كقوله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ} ٣ [النساء: ٨٣] ، وقول البحتري:
هل لما فات من تلاقٍ تلافي ... أم لشاكٍ من الصبابة شافي٤
وإن اختلفا في ترتيب الحروف سمي جناس القلب، وهو ضربان: قلب الكل؛ كقولهم:"حسامه فَتْح لأوليائه، حَتْف لأعدائه"، وقلب البعض؛ كما جاء في الخبر:"اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا" وقول بعضهم: "رحم الله امرأ أمسك ما بين فكيه، وأطلق ما بين كفيه". وعليه قول أبي الطيب: