ومنها تسمية المسبب باسم السبب؛ كقولهم:"رعينا الغيث" أي: النبات الذي سببه الغيث، وعليه قوله عز وجل:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ١ سمي جزاء الاعتداء اعتداء؛ لأنه مسبب عن الاعتداء، وقوله تعالى:{وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ٢ تجوز بالبلاء عن العرفان؛ لأنه مسبب عنه، كأنه قيل: ونعرف أخباركم، وعليه قول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا٣
الجهل الأول: حقيقة، والثاني: مجاز، عبر به عن مكافأة الجهل٤. وكذا قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ٥ تجوز بلفظ السيئة٦ عن الاقتصاص؛ لأنه مسبب عنها. وقيل: إن عبر بها عما ساء أي: أحزن لم يكن مجازا؛ لأن الاقتصاص محزن في الحقيقة كالجناية. وكذا قوله تعالى:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} ٧ تجوز بلفظ المكر عن عقوبته لأنه سببها. قيل: ويحتمل أن يكون مكر الله حقيقة؛ لأن المكر هو التدبير فيما يضر الخصم، وهذا محقق من الله تعالى باستدراجه إياهم بنعمه مع ما أعد لهم من نقمه.