وأما باعتبار الثلاثة -أعني الطرفين والجامع- فستة أقسام: استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي، أو بوجه عقلي، أو بما بعضه حسي وبعضه عقلي، واستعارة معقول لمعقول، واستعارة محسوس لمعقول، واستعارة معقول لمحسوس، كل ذلك بوجه عقلي؛ لما مر١.
استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي:
أما استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي؛ فكقوله تعالى:{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} ٢؛ فإن المستعار منه ولد البقرة، والمستعار له الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حُليّ القبط التي سبكتها نار السامري عند إلقائه فيها التربة التي أخذها من موطئ حيزوم فرس جبريل عليه السلام، والجامع لهما الشكل٣، والجميع حسي٤.
وكقوله تعالى:{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} ٥ فإن المستعار منه حركة الماء على الوجه المخصوص، والمستعار له حركة الإنس والجن، أو يأجوج ومأجوج، وهما حسيان، والجامع لهما ما يشاهد من شدة الحركة والاضطراب.
وأما قوله تعالى:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} ٦ فليس مما نحن فيه وإن عد منه؛ لأن فيه تشبيهين: تشبيه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته، وتشبيه انتشاره في الشعر باشتعالها في سرعة الانبساط مع تعذر تلافيه، والأول استعارة بالكناية، والجامع في الثاني عقلي٧, وكلامنا في غيرهما٨.