والواحد: إما حسي، أو عقلي. وغير الواحد: إما بمنزلة الواحد؛ لكونه مركبا من أمرين أو أمور، أو متعدد غير مركب.
والمركب إما حسي، أو عقلي. والمتعدد: إما حسي، أو عقلي، أو مختلف.
والحسي لا يكون طرفاه إلا حسيين؛ لامتناع أن يدرك بالحس من غير الحسي شيء. والعقلي طرفاه إما عقليان، أو حسيان، أو مختلفان؛ لجواز أن يدرك بالعقل من الحسي شيء؛ ولذلك يقال: التشبيه بالوجه العقلي أعم من التشبيه بالوجه الحسي.
قال الشيخ صاحب المفتاح١:"وههنا نكتة لا بد من التنبه لها؛ وهي أن التحقيق في وجه الشبه يأبى أن يكون غير عقلي؛ وذلك أنه متى كان حسيا -وقد عرفت أنه يجب أن يكون موجودا في الطرفين، وكل موجود له تعين- فوجه الشبه مع المشبه متعين, فيمتنع أن يكون هو بعينه موجودا مع المشبه به؛ لامتناع حصول المحسوس المعين ههنا، مع كونه بعينه هناك بحكم الضرورة، وبحكم التنبيه على امتناعه إن شئت، وهو استلزامه إذا عُدمت حمرة الخد دون حمرة الورد، أو بالعكس:
كون الحمرة معدومة موجودة معا، وهكذا في أخواتها، بل يكون٢ مثله مع المشبه به، لكن المِثلين لا يكونان شيئا واحدا، ووجه الشبه بين الطرفين -كما عرفتَ- واحد، فيلزم أن يكون أمرا كليا مأخوذا من المثلين بتجريدهما عن التعين، لكن ما هذا شأنه فهو عقلي. ويمتنع أن يقال: فالمراد بوجه الشبه حصول المثلين في الطرفين٣؛ فإن المثلين متشابهان، فمعهما وجه تشبيه؛ فإن كان عقليا كان المرجع في وجه الشبه العقل في المآل، وإن كان حسيا استلزم أن يكون مع المثلين مثلان آخران، وكان الكلام فيهما كالكلام فيما سواهما، ويلزم التسلسل". هذا لفظه، ويمكن أن يقال: المراد بكونه حسيا أن تكون أفراده مدركة بالحس٤؛ كالسواد؛ فإن أفراده مدركة بالبصر، وإن كان هو نفسه غير مدرك به ولا بغيره من الحواس.