الإيضاح بعد الإبهام وفروعه: وهو إما بالإيضاح بعد الإبهام؛ ليُرى المعنى في صورتين مختلفتين، أو ليتمكن في النفس فضل تمكن؛ فإن المعنى إذا أُلقي على سبيل الإجمال والإبهام، تشوقت نفس السامع إلى معرفته على سبيل التفصيل والإيضاح، فتتوجه إلى ما يَرِد بعد ذلك، فإذا ألقي كذلك تمكن فيها فضل تمكن، وكان شعورها به أتم، أو لتكمل اللذة بالعلم به؛ فإن الشيء إذا حصل كمال العلم به دفعة لم يتقدم حصول اللذة به ألم، وإذا حصل الشعور به من وجه دون وجه تشوفت النفس إلى العلم بالمجهول، فيحصل لها بسبب المعلوم لذة، وبسبب حرمانها من الباقي ألم، ثم إذا حصل لها العلم به حصلت لها لذة أخرى، واللذة عقيب الألم أقوى من اللذة التي لم يتقدمها ألم، أو لتفخيم الأمر وتعظيمه، كقوله تعالى:{قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}[طه: ٢٥، ٢٦] فإن قوله: "اشرح لي" يفيد طلب شرح لشيء ما له١، وقوله:"صدري" يفيد تفسيره وبيانه٢، وكذلك قوله:{وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} ، والمقام مقتضٍ للتأكيد؛ للإرسال٣ المؤذِن بتلقي المكاره والشدائد، وكقوله تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}[الحجر: ٦٦] ؛ ففي إبهامه٤ وتفسيره تفخيم الأمر وتعظيم له.