والمركب العقلي كالمنظر المُطمِع مع المَخْبَر المؤيس الذي هو على عكس ما قدّر في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} ١ شبه ما يعمله من لا يُقرن الإيمان المعتبر بالأعمال التي يحسبها تنفعه عند الله وتنجيه من عذابه ثم يَخيب في العاقبة أمله ويلقى خلاف ما قدّر، بسراب يراه الكافر بالساهرة٢ وقد غلبه عطش يوم القيامة، فيحسبه ماء فيأتيه، فلا يجد ما رجاه، ويجد زبانية الله عنده، فيأخذونه، فيعتِلونه٣ إلى جهنم، فيسقونه الحميم والغساق. فهو كما ترى منتزع من أمور مجموعة قُرن بعضها إلى بعض، وذلك أنه روعي من الكافر فعل مخصوص، وهو حسبان الأعمال نافعة له، وأن تكون للأعمال صورة مخصوصة، وهي صورة الأعمال الصالحة التي وعد الله تعالى بالثواب عليها، بشرط الإيمان به وبرسله عليهم السلام، وأنها لا تفيدهم في العاقبة شيئا، وأنهم يلقَوْن فيها عكس ما أمّلوه وهو العذاب الأليم، وكذا في جانب المشبه به٤.
وكحرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه، كما في قوله تعالى:
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} ١ فإنه أيضا منتزع من أمور مجموعة قُرن بعضها إلى بعض، وذلك أنه روعي من الحمار فعل مخصوص وهو الحمل، وأن يكون المحمول شيئا مخصوصا وهي الأسفار التي هي أوعية العلوم، وأن الحمار جاهل بما فيها، وكذا في جانب المشبه.