والتفصيل فيه أنه شبّهه بالمتمطي إذا واصل تمطيه مع التعرض لسببه وهو اللوثة والكسل فيه، فنظر إلى هذه الجهات الثلاث١، ولو اقتصر على أنه كالمتمطي كان قريب التناول؛ لأن هذا القدر يقع في نفس الرائي للمصلوب ابتداء؛ لأنه من باب الجملة.
وشبيه بهذا القول قول الآخر:
لم أر صفا مثل صف الزُّط ... تسعين منهم صُلبوا في خط
من كل عالٍ جذعه بالشط ... كأنه في جذعه المشتط
أخو نعاس جدّ في التمطي
قد خامر النوم ولم يغط٢
والفرق بين هذا والأول٣: أن الأول صريح في الاستمرار على الهيئة والاستدامة لها دون بلوغ الصفة غاية ما يمكن أن يكون عليها، والثاني بالعكس.
قال الشيخ عبد القاهر٤: وشبيه بالأول في الاستقصاء قول ابن الرومي في المصلوب أيضا:
كأن له في الجو حبلا يَبُوعه ... إذا ما انقضى حبل أتيح له حبل٥
فقوله:"إذا ما انقضى حبل أتيح له حبل" كقوله: "مواصل لتمطيه من الكسل" في التنبيه على استدامة الشبه؛ لأنه إذا كان لا يزال يبوع حبلا لم يقبض باعه، ولم يرسل يده، وفي ذلك بقاء شبه المصلوب على الاتصال.