يقول: إن هذا الفرس لفرط ما فيه من لين الرأس وسرعة الانحراف ترى كَفَله في الحال التي ترى فيها لَبَبه؛ فهو كجلمود صخر دفعه السيل من مكان عالٍ؛ فإن الحجر بطبعه يطلب جهة السفل؛ لأنها مركزه، فكيف إذا أعانته قوة دفع السيل من عل، فهو لسرعة تقلبه يرى أحد وجهيه حين يرى الآخر.
وكما يقع التركيب في هيئة الحركة قد يقع في هيئة السكون؛ فمن لطيف ذلك قول أبي الطيب في صفة الكلب:
يُقعي جلوس البدوي المصطلي٢
وإنما لطف من حيث كان لكل عضو من الكلب في إقعائه موقع خاص، وللمجموع صورة خاصة مؤلفة من تلك المواقع.
ومنه البيت الثاني من قول الآخر في صفة مصلوب:
كأنه عاشق قد مد صفحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل
أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتمطيه من الكسل٣