كتاب بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

الباب الثاني: القول في الحقيقة والمجاز - المرشحة: وثالثها المرشحة - ج: 3 - ص: 508

[المرشحة: وثالثها المرشحة]

وهي التي قُرنت بما يلائم المستعار منه١؛ كقوله:

ينازعني ردائي عبد عمرو ... رويدك يا أخا عمرو بن بكر

لي الشطر الذي ملكت يميني ... ودونك فاعتجر منه بشطر٢

فإنه استعار الرداء للسيف لنحو ما سبق، ووصفه بالاعتجار الذي هو وصف الرداء، فنظر إلى المستعار منه، وعليه قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ٣ فإنه استعار الاشتراء للاختيار، وقفّاه بالربح والتجارة اللذين هما من متعلقات الاشتراء؛ فنظر إلى المستعار منه.

وقد يجتمع التجريد والترشيح, كما في قول زهير:

لدى أسد شاكي السلاح مقذف ... له لبد أظفاره لم تقلم٤

والترشيح أبلغ من التجريد٥؛ لاشتماله على تحقيق المبالغة؛ ولهذا كان مبناه على تناسي التشبيه٦، حتى إنه يوضع الكلام في علوّ المنزلة وضعه في علو المكان،