للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٣، ٤] وفي "ثم" دلالة على أن الإنذار الثاني أبلغ وأشد١. وكزيادة التنبيه على ما ينفي التهمة؛ ليكمل تلقي الكلام بالقبول، كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ، يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} [غافر: ٣٨، ٣٩] . وقد يكرر اللفظ لطول في الكلام؛ كما في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٩] ، وفي قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠] . وقد يكرر لتعدد المتعلَّق؛ كما كرره الله تعالى من٢ قوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٣] ؛ لأنه تعالى ذكر نعمة بعد نعمة وعقب كل نعمة بهذا القول٣، ومعلوم أن الغرض من ذكره عقيب نعمة غير الغرض من ذكره عقيب نعمة أخرى. فإن قيل: قد عقّب بهذا القول ما ليس بنعمة، كما في قوله: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥] , وقوله: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ، يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: ٤٣، ٤٤] ؟! قلنا: العذاب وجهنم وإن لم يكونا من آلاء الله تعالى، فإن ذكرهما ووصفهما -على طريق الزجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات- من

<<  <  ج: ص:  >  >>