الإطناب بغير هذه الأنواع: وإما بغير ذلك١ كقولهم: "رأيته بعيني"، ومنه قوله تعالى:{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} ٢ [النور: ١٥] ، أي: هذا الإفك ليس إلا قولا يجري على ألسنتكم ويدور في أفواهكم من غير ترجمة عن علم في القلب، كما هو شأن المعلوم إذا ترجم عنه اللسان، وكذا قوله:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}[البقرة: ١٩٦] لإزالة توهم الإباحة٣، كما في نحو قولنا:"جالس الحسن وابن سيرين" وليُعلَم العدد جملة كما عُلِم تفصيلا؛ ليحاط به من جهتين، فيتأكد العلم، وفي أمثال العرب:"علمان خير من علم". وكذا قوله:{كَامِلَةٌ} تأكيد آخر، وقيل: أي: كاملة في وقوعها بدلا من الهدي، وقيل: أريد به تأكيد الكيفية لا الكمية، حتى لو وقع صوم العشرة على غير الوجه المذكور٤ لم تكن كاملة٥. وكذا قوله:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[غافر: ٧] فإنه لو لم يقصد الإطناب لم يذكر {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} ؛ لأن إيمانهم٦ ليس مما ينكره أحد من مثبِتيهم، وحسّن ذكره إظهار شرف الإيمان ترغيبا فيه٧، وكذا قوله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ